التجمع الوطني و حقوق النوبة السياسية

بقلم/ سليمان موسى رحال

تبدأ في السادس من سبتمبر القادم جلسات المؤتمر الثاني للتجمع الوطني الديمقراطي في العاصمة الإرترية، أسمرا. و هذا اجتماع تاريخي سيلعب دوراً هاماً في إمكانية تحقيق مطالب الشعب السوداني المتمثلة في الديمقراطية و العدالة. أما بالنسبة للنوبة، فإن المؤتمر سيكون حدثاً فاصلاً فيما يختص بتطورهم السياسي.

فلقد ظل النوبة لسنوات عديدة منذ بزوغ فجر الاستقلال في 1956، يلعبون دوراً هاماً في تاريخ السودان. فلقد ساهموا اقتصادياً و سياسياً و عسكرياً و فكرياً في تكوين السودان الحديث. و في السنوات الأخيرة أصبح النوبة جزءاً لا يتجزأ بل و العمود الفقري للمقاومة المسلحة و تحملوا أعباء تلك المقاومة و الحملات الانتقامية التي تقوم بها الحكومة السودانية. و اليوم نجد النوبة يحاربون في أربع جبهات: في منطقة جبال النوبة نفسها و في جنوب السودان و شرقه و منطقة النيل الأزرق. و لقد ساهم النوبة في عملية بناء السودان الحديث بنفس القدر الذي ساهمت به أي مجموعة أخرى في السودان،  بل و أكثر.

و على الرغم من كل تلك المساهمات الإيجابية، إلا أن الحقوق السياسية للنوبة احتلت و بكل أسف المرتبة السفلى من أجندة التجمع الوطني الديمقراطي و الحكومة السودانية و المجتمع الدولي. و لقد بدأ العديد من النوبة يتساءلون: لماذا لا يتم الاعتراف الكامل بحقوقهم السياسية من قبل التجمع الوطني الديمقراطي المعارض؟ و حتى في الوقت الذي نجد فيه أن النوبة ممثلون في التجمع عن طريق الحزب القومي السوداني و الحركة الشعبية لتحرير السودان و التحالف الفيدرالي الديمقراطي السوداني؟ و كان تهميش الحقوق السياسية للنوبة قد ظهر لأول مرة في اتفاقية شقدوم عام 1994بين حزب الأمة و الحركة الشعبية لتحرير السودان و أخيراً في إعلان أسمرا في يونيو 1995. إذ منحت هاتان الاتفاقيتان حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان، و لكن منعت ذلك الحق عن النوبة و مواطني جنوب النيل الأزرق.

فإعلان أسمرا يعطي أهمية قصوى لحق تقرير المصير. إذ أكد بأن تقرير المصير حق إنساني و ديمقراطي أساسي للشعوب و يمكن ممارسته في أي وقت و بواسطة أي مجموعة. و يعترف إعلان أسمرا بأن ممارسة حق تقرير المصير يؤسس لإيجاد حل لمشكلة إنهاء الحرب الأهلية الدائرة الآن و تدعيم الديمقراطية في السودان. و في الوقت الذي نجد فيه أن المادة (5) من الإعلان تمنح هذا الحق كاملاً لمواطني جنوب السودان، نجد أن المادة 7.3 من نفس الإعلان تنص على  "أنه فيما يختص بمواطني جبال النوبة و تلال الأنقسنا، أن الحكومة الانتقالية القادمة ستعمل على إيجاد حل سياسي لإزالة المظالم التي وقعت على مواطني تلك المناطق و أن يتم تنظيم و إجراء استفتاء في خلال الفترة الانتقالية لأخذ آرائهم حول مستقبلهم السياسي و الإداري."

باختصار نجد أن مواطني جبال النوبة و الأنقسنا قد منحوا فقط حق تقرير المصير من الدرجة الثانية. و قد سبب هذا دهشة و الاستغراب، بل و الغضب و الاستياء، في أوساط النوبة.

و منذ عام 1995، سرت صحوة سياسية في أوساط النوبة. إذ أننا نجحنا في وضع قضيتنا أمام المجتمع الدولي و أثرنا مشاكلنا على التوالي في العديد من المنابر السودانية. و بالأمس القريب، أقر المشاركون، في مؤتمر كمبالا الثاني حول حقوق الإنسان و الديمقراطية و التنمية في السودان، أن مطالب النوبة بحق تقرير المصير يحتاج إلى إعادة النظر فيه في مؤتمر التجمع الوطني القادم.

إن النوبة اليوم يعلمون تماماً نقاط ضعفهم و نقاط قوتهم. و من بين نقاط ضعفنا انعدام التمثيل المناسب للنوبة في المنابر الوطنية كالتجمع الوطني. أما قوتنا فتنبع من حقيقة أنه لن يكون هنالك سلام في السودان دون تحقيق العدالة بالنسبة لمواطنينا. و إننا كنوبة قد قاومنا أبشع و أشرس المذابح المستمرة التي أقامتها الحكومة ضد مواطنينا، بالموارد الضئيلة التي لدينا، و إننا ما زلنا على قيد الحياة. إن أولئك الذين يتجاهلوننا، و يعتقدون بأنهم بإمكانهم أن يضعفوا قوة إرادتنا و مطلبنا الخاص بالعدالة، فعليهم أن يتحملوا عواقب فعلهم هذا.

إن الكثيرين من النوبة يتشككون حول الاحترام الحقيقي الذي يوليه التجمع تجاه الحقوق السياسية للنوبة. و أن العديد منهم تساورهم المخاوف أيضاً من أن حرمان النوبة من حق تقرير المصير ربما يؤدي إلى عدم الاستقرار و استمرار النزاع. إن مسألة تقرير المصير للنوبة مثيرة للجدل بالطبع. و لكن علينا أن نتفق جميعاً أنه من الضروري أن نناقش الموضوع نقاشاً ديمقراطياً كاملاً حتى نصل إلى موقف إجماعي يحترم حقوق مواطنينا.

إن مؤتمر التجمع الذي سيبدأ جلساته في سبتمبر القادم سيكون محكاً حقيقياً يمكن أن يؤدي إلى لم شمل التجمع أو تفريقه. و في هذه المرة خلافاً، لعام 1995، فإن وجود النوبة في المؤتمر سيكون مكثفاً للدفاع عن قضيتنا. و سيناقش النوبة بصورة خاصة المواضيع التالية:

  1. يجب أن يعاد النظر في المادة 7.3 من إعلان أسمرا. فالنوبة يطالبون بالحقوق المتساوية، التي تعني بالحقوق المتساوية للجميع بحق تقرير المصير. و بما أننا وحدويون أيضاً فيجب أن يكون تقرير مصيرنا في إطار السودان الواحد.
  2. يجب أن تكون كل الدوائر في جنوب كردفان ممثلة في أي نقاش يخص مستقبل الإقليم. و يشمل هذا الحركة الشعبية لتحرير السودان و الحزب القومي السوداني و التحالف الفيدرالي الديمقراطي السوداني و حزب الأمة و كل الفعاليات الأخرى التي لها تمثيل سياسي في الإقليم. و أن يكون الجميع مستعدون لمناقشة كل الخيارات المتاحة لجبال النوبة في أسلوب ديمقراطي مفتوح و في روح من الوفاق.
  3. يجب أن يعالج مؤتمر التجمع مسألة الحقوق السياسية للنوبة بصورة نهائية. كما يجب أن تزال الغموض و أن يتم التوصل إلى تسوية نهائية.

إننا نناشد كل الأحزاب المنضوية تحت التجمع بما في ذلك حزب الأمة أن يدخلوا في نقاش حول مستقبل جبال النوبة في روح ديمقراطية حقيقية و أن يحترموا حقوق الإنسان. و أن هناك فرصة تاريخية حقيقية في التوصل إلى إجماع و الذي يمكن أن يؤكد أن النوبة سيكون لديهم الثقة فيما يختص بموقفهم في التسوية السياسية المستقبلية للسودان.

أخيراً المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة تصل جبال النوبة لكن كم من الزمن ستستمر؟

 

لقد ظل المواطنون في جبال النوبة لأكثر من عقد من الزمان ينتظرون بلهفة وصول المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، إذ أن المنطقة ظلت معزولة من العالم الخارجي مما أدى إلى حرمان المواطنين من الحصول على المساعدات الإنسانية. فمنع الحكومة السودانية وصول المساعدات الإنسانية إلى جبال النوبة يعد جريمة إنسانية، و قد ووجه بضغوط متواصلة و حملات من قبل العديد من المنظمات الدولية و حكومات دول المنطقة و المجتمع الدولي على السواء التي أدانت سياسات الأرض المحروقة التي تنتهجها الحكومة السودانية و استخدام الغذاء كسلاح في حربها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان.

و كانت الحكومة السودانية قد وعدت قبل أكثر من عامين تقريباً  السيد/ كوفي عنان، السكرتير العام للأمم المتحدة، بأنها ستسمح لعملية شريان الحياة بالذهاب إلى جبال النوبة. و لقد استغرقت الحكومة السودانية أكثر من عام لتفي بوعدها بالسماح لفريق الاحتياجات الإنسانية التابع للأمم المتحدة بزيارة جبال النوبة. و قامت بعثتا تقييم تابعتان للأمم المتحدة بزيارة كل من المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة و الحركة الشعبية لتحرير السودان في أشهر يونيو و سبتمبر- أكتوبر من عام 1999. و كشفت النتائج التي تحصل عليها الفريق على الملأ في نهاية العام المنصرم، و التي توصي بضرورة التدخل الإنساني السريع لكل إقليم جنوب كردفان نسبة إلى حقيقة أن المدنيين في كل المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة و تلك التي تقع تحت سيطرة الحركة الشعبية قد تأثرت تماماً بالحرب كما تعرضت كل البنية التحتية للتدمير الكامل.

هذا و قد بدأت المشاركة المباشرة للأمم المتحدة في جبال النوبة في فبراير الماضي ببرنامج التطعيم ضد شلل الأطفال، و الذي واصل عمله رغم العديد من العراقيل التي اعترضت سبيله، عندما وجهت الحكومة السودانية نيران مدفعيتها على طائرة تابعة للبرنامج في محاولة لمنعها من الهبوط. و في الواقع تم تأجيل المرحلة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال و الذي كان من المفترض أن يباشر العمل بعد شهر من انتهاء المرحلة الثانية نسبة للنشاطات العسكرية التي قامت بها القوات المسلحة الحكومية في المنطقة، و بصورة خاصة في تبانيا،  حيث سببت الهجمات الحكومية في نزوح أكثر من 7.000 شخص من المدنيين.

و رغم ذلك، نسبة لحدوث تقدم طفيف في الوضع الأمني، تم التوصل إلى اتفاقية نهائية بين الحكومة و الحركة الشعبية في جبال النوبة من جهة و برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة من جهة أخرى فيما يختص بمراقبة الوضع و استطاعت بموجبه أول مساعدة إنسانية تابعة للأمم المتحدة من مباشرة العمل في الثلاثين من يونيو 2000. و كانت تلك أول مساعدة إنسانية كبرى تابعة للأمم المتحدة إلى النوبة المنسيين في جنوب كردفان. إذ غادرت مطار الأبيض طائرة تابعة للأمم المتحدة تحمل احتياجات طارئة و استطاعت الهبوط في مطار كركر. و كانت تلك الاحتياجات الطارئة تتكون من البذور و الآلات الزراعية و معدات طبية و تعليمية. و هذا يعادل ثلث الشحنة الكلية التي يتم ترحيلها من لوكيشوكيو في شمال كينيا مضافاً إليها ثلث البذور الزراعية التي كانت مخزنة في الأبيض. و انتهت المهمة في خمسة أيام فقط. و هناك أمل كبير في وصول المزيد لتخفيف معاناة المواطنين في جنوب كردفان.

ليس هناك من شك أبداً بأن بعثة المساعدات الإنسانية كانت لها أثراً عميقاً على مواطني جبال النوبة، وقد ساعد ذلك على رفع روحهم المعنوية.

و أنها بالتأكيد ستعطي الأمل للمواطنين بأن المجتمع الدولي قد بدأ في الاهتمام بهم و اعتبارهم بشراً مثلهم مثل بقية سكان العالم. إن هبوط طائرة الأمم المتحدة في جبال النوبة لأول مرة يعتبر بكل المقاييس نجاحاً كبيراً للنوبة في كفاحهم المستمر. فالنوبة سوف لن ينسوا ذلك اليوم الذي هبطت فيه تلك الطائرة على أرضهم لأول مرة في تاريخ نضالهم الطويل. و تأمل نشرة النفير أن يكون هذا بداية حقيقية لتدخل وكالات الغوث الإنساني التابعة للأمم المتحدة في جبال النوبة و أن يتمكن النوبة و خاصة منظمة نوب للإغاثة و التنمية و إعادة التعمير من الاستفادة القصوى من وجود الأمم المتحدة في المنطقة.

فمنظمة نوب للإغاثة و التنمية هي منظمة محلية خاصة بجبال النوبة و تعمل خارج إطار عملية شريان الحياة بمساعدة من عدد من المنظمات الصغيرة غير الحكومية. و قد ظلت منظمة نوب تعمل في تطبيق و تنسيق و إدارة البرامج الإنسانية إلى المناطق المتأثرة بالحرب في جبال النوبة. و يتوقع الآن أن تتفاعل هذه المنظمة المحلية بالتنسيق و العمل جنباً إلى جنب مع بعثة تقييم الاحتياجات الإنسانية لجبال النوبة التابعة للأمم المتحدة، و هي هيئة أنشئت للقيام بالعمل الإنساني في جبال النوبة. و على منظمة نوب أن تشارك بفعالية أكبر في التنسيق لبلوغ أعلى درجة من بناء قدراتها و استغلال مواردها. و هذا هو الوقت الذي ظل النوبة ينتظرونه منذ وقت بعيد، و لذلك عليهم أن لا يدع هذه الفرصة تضيع هباء دون الاستفادة الكلية منها.

إن وجود الأمم المتحدة في جبال النوبة قد وضع قضية النوبة بقوة في أجندة المجتمع الدولي، و هو الأمر الذي ظلت منظمات النوبة و قادته السياسيون ينادون به في أروقة الأمم المتحدة و في العديد من المؤتمرات الدولية على مدار السنوات الماضية.

هناك مخاوف الآن من أن تكثيف القصف الجوي الذي قامت به الحكومة السودانية مؤخراً في مناطق السودان الجديد و قرارها بإغلاق المجال الجوي في وجه طائرات الإغاثة في محاولة للتحكم على كل عمليات الإغاثة، ربما يؤثر على برامج الأمم المتحدة الخاص بجبال النوبة. لذا فإننا نتساءل: كم من الزمن ستستمر عمليات الأمم المتحدة في جبال النوبة؟

رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية البريطاني

 

إلى معالي الوزير السيد/ روبن كوك

إننا نمثل المنظمات الموقعة أسفل هذه المذكرة، و يهمنا كثيراً أمر الوضع الحالي في السودان. و يهمنا بصورة خاصة ما آلت إليه الحرب في منطقة جبال النوبة و هي واحدة من المناطق المهمشة في شمال السودان، و قد أهملت المنطقة بصورة عامة في مبادرات السلام التي تحاول جاهدة إنهاء الحرب التي طال أمدها و التي دمرت البلاد بأسرها.

إننا لسنا بحاجة لتسليط مزيد من الضوء على مستوى المعاناة الإنسانية التي جلبتها الحرب الأهلية منذ أكثر من سبعة عشر عاماً مضت. لقد فقد السودان جيلاً كاملاً من خيرة أبنائه في هذه الحرب اللعينة التي حصدت أكثر من مليوني شخص و عرضت مناطق واسعة من البلاد للمجاعة و الدمار.

لقد تعرضت البلاد بأسرها إلى الإفلاس، و غرقت  إلى أخمص قدميها في الديون، و أصبحت تواجه العديد من التحديات لتحقيق أدنى المستويات الأساسية للتنمية الاجتماعية و الاقتصادية.

لقد ظلت جبال النوبة في الخطوط الأمامية لهذه الحرب لأكثر من خمسة عشر عاماً عانت فيها معاناة كبيرة.

هناك مبادرتا سلام تعملان جنباً إلى جنب الآن في السودان، إحداهما تدعمها منظمة الإيقاد و الأخرى تدعمها حكومتا مصر و ليبيا. و لكل من المبادرتين محاسنها و مساوئها، إلا أنهما تجاهلتا الوضع الخاص بجبال النوبة و الشعوب المهمشة الأخرى في شمال السودان بما في ذلك شعب جنوب النيل الأزرق و البجا في شرق السودان و دار فور في غرب السودان. و في الوقت الذي نرحب فيه بأي مبادرة سلام من شأنها أن تحقق السلام في السودان، إلا أننا نعبر عن عميق مخاوفنا أن أي اتفاقية سلام لا تراعي مطالب النوبة و الشعوب المهمشة الأخرى لا يمكن لها أن تحقق العدل و الاستقرار اللذين يحتاج إليهما السودان. فالسلام الذي يعمل على استمرار الظلم للشعوب المهمشة في السودان التي تمثل مجتمعة الغالبية العظمى لسكان شمال السودان، ربما يكون قنبلة مؤقتة لاندلاع نزاع مستقبلي.

إن النوبة وحدويون و أنهم يدعون لحق تقرير المصير في إطار السودان الموحد – و  إنهم  يدعون للوحدة مع الاعتراف بالتنوع.

إننا نؤمن بأن هناك حاجة ملحة لسلام شامل في السودان، وفقاً لما نصت عليه مبادئ سلام الإيقاد. و للتأكد من أن أي عملية سلام يتم التوصل إليها في الأشهر القليلة القادمة يجب أن تحترم تلك المبادئ.

تاريخياً، كان السودان في ظل الحكم الثنائي - البريطاني و المصري. فالمبادرة الحالية التي تقوم بها مصر قد رفعت الآمال بأن الحكومة المصرية ستصبح مرة أخرى  وسيط للسلطة في الخرطوم. إن العديد من السودانيين تساورهم شكوكاً عميقة حول الأجندة المصرية فيما يختص بالسودان و التي لم تكن على الدوام في تناغم و انسجام مع مطالب السودانيين الخاصة بالديمقراطية و حق تقرير المصير. ففي الماضي كانت بريطانيا قد لعبت دوراً هاماً كثقل مضاد في التدخل المصري في السودان. و إننا اليوم نناشدكم باستئناف ذلك الدور التاريخي، و أن تعيد المشاركة بجدية في الشأن السوداني للتأكد من أن أي مبادرة سلام يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع المراعاة التام لحقوق الإنسان و الديمقراطية و تطلعات الشعوب المهمشة في السودان.

و إننا على ثقة تامة بأن هذا سينال اهتمامكم العاجل و السريع.

مخلصكم/

سليمان موسى رحال

مدير مركز النوبة للتنسيق الدولي

موقع أيضاً نيابة عن المنظمات التالية:

  • · منظمة العدالة الأفريقية (Justice Africa)
  • · سرفايفال إنترناشونال
  • · المعهد الكاثوليكي للعلاقات الدولية
  • · نوب للإغاثة و التنمية و إعادة التعمير
  • · سودان أبديت (Sudan Update)
  • · قلوبوايز كوميونكيشن

التحديات الصحية في المناطق التي دمرتها الحرب في جبال النوبة.

بقلم الدكتور/ عبد الله منصور

لقد واجه النوبة بشجاعة  تحديات المصائب والشدائد التي لازمتهم طوال تاريخهم الطويل. و ليس هناك مثال يوضح مقدرة النوبة على الصمود في أحلك الظروف، أفضل من محنة انعدام الخدمات الصحية في جبال النوبة. فلقد كان الوضع الصحي قبل عام 1995 سيئاً للغاية، حيث لم تكن هناك أي إمدادات صحية على الإطلاق مما أضطر المواطنين على أن يعتمدوا اعتماداً كلياً على العقاقير التقليدية (الأدوية البلدية).

و منذ ذلك الوقت استطاعت منظمة نوب للإغاثة أن تبدأ بإقامة بعض الخدمات الصحية المتواضعة و لكنها مهمة، بمساعدة من منظمة أطباء الطوارئ الألمانية و بعض الأصدقاء الخيرين. و اليوم يوجد في جبال النوبة أربعة مراكز للصحة الأولية و أكثر من 20 وحدة للصحة الأولية موزعة في كل أنحاء المناطق المحررة للمراكز الريفية السبعة. و بالرجوع إلى حقيقة أن هذه المراكز الصحية، رغم قلتها، تقدم الخدمات لأكثر من 350.000 مواطن و تواجه الكثير من العقبات اللوجستية،  يبدو واضحاً أن الخدمات الصحية لم تصل مرحلة الكفاية بعد. فالغالبية العظمى من المواطنين يتحتم عليهم المشي لمسافات بعيدة من أجل الحصول على الخدمات الصحية. و ليس مستغرباً أن تجد شخصاً يمشي لمسافة زمنية تتراوح بين سبع ساعات أو سبعة أيام ليصل إلى أقرب وحدة صحية. و لذلك يمكن لمريض في حالة طارئة أن يموت قبل أن يتلقى العلاج نسبة لبعد المسافة.

و تعمل منظمة نوب للإغاثة على إرسال الأدوية إلى الجبال بالتعاون مع بعض المنظمات غير الحكومية و بعض الخيرين، إلا أن الكمية لا تكفي الاحتياجات. و ليس هناك مراكز للعناية بصحة الطفولة و الأمومة و كذلك تحصين الأطفال. فمنظمة أطباء الطوارئ الألمانية، المنظمة غير الحكومية الوحيدة التي لها وجود على أرض الواقع في جبال النوبة، تستحق منا الإشادة و التقدير لجهودها المضنية في مجال الارتقاء بالخدمات الصحية في جبال النوبة. فالمنظمة قد بدأت بالفعل برامج التحصين الأولية بموقعهم.

و كانت منظمة نوب بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية و منظمة اليونسيف قد قامت مؤخراً بحملة للتطعيم ضد شلل الأطفال في جبال النوبة. و كان البرنامج يهدف إلى تطعيم 66.000 طفل تحت سن الخامسة، و قامت الجولة الأولى بتغطية 75.000 طفل و الجولة الثانية بتغطية 73.000طفل – أي بمعنى أن البرنامج وصل قمته بل فاق العدد المحدد له. و قد سجل البرنامج نجاحاً رغم المشاكل التي سببتها حكومة الخرطوم بهدف عرقلة سير البرنامج.

و هناك مدرسة لتدريب عاملين في المجال الصحي (مدرسة ديبي) و تنظم كورساً مدته ستة أشهر، حيث يتم فيه قبول 100 دارس كل سنة، خمسون منهم دارسون جدد و خمسون منهم عاملون تحت التدريب. و قد تم اتباع منهج دراسي جديد هذه السنة. و بدأ أيضاً تدريب أساتذة تمريض حيث تم ترشيح عدد من العاملين في مجال التدريب الصحي للذهاب إلى نيروبي للدخول في كورس لمدة ستة أشهر في محاولة لتنمية قدراتهم و تزويدهم بكل ما هو جديد في مجال المعرفة العلمية حتى يعودوا لنقل هذه المعلومات إلى المتدربين في جبال النوبة.

و يقوم عدد من المنظمات غير الحكومية و منها منظمة عون الشعب النرويجية، بتدريب بعض العاملين في المجال الصحي في جبال النوبة كل سنة. و من الأمراض التي يمكن تفاديها في المنطقة هي الملاريا و الإسهال و الأنواع المختلفة من الأمراض الجلدية و الأمراض التناسلية  و الدودة الغينية و مرض الجذام و أمراض الغدة الدرقية و السل الرئوي.

و هناك حالات مختلفة من الصدمات النفسية الناتجة من الحرب بالإضافة إلى مرض الفتاق و مرض الأدرة الناتجة من الجهود التي يبدلها المواطنون في التعامل مع طبيعة المنطقة الجبلية الجافة.

بهذا، أود أن انتهز هذه الفرصة لأناشد بصورة جادة كل المنظمات الإنسانية و الخيرين لاتخاذ الخطوات اللائقة لدعم الوضع الصحي في المناطق المتأثرة بالحرب في جبال النوبة.

و أود أيضاً أن أرحب بزميلتي الدكتورة سوسن محمد التي التحقت بنا مؤخراً للعمل في جبال النوبة، و أناشد بهذه المناسبة كل أبناء النوبة في الشتات إلى الحضور للعمل في مناطقهم و سيجدون منا كل ترحيب.

جبال النوبة و الحاجة إلى التنمية و إعادة التعمير

بقلم/ اللازم سليمان

لقد ظلت منطقة جبال النوبة، منذ أن نال السودان استقلاله عام 1956 إلى يومنا هذا، معرضة للتهميش من قبل كل الحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم في البلاد. و ليس هذا فحسب، بل أن النوبة قد تعرضوا لكل أنواع الاضطهاد و الظلم و السياسات المقصودة و التي تشمل التطهير العرقي و التهجير القسري للمواطنين النوبة.

و لقد أجبرت كل هذه العوامل مجتمعة النوبة على حمل السلاح للدفاع عن حقوقهم. و على الرغم من الأثر السيئ الذي خلفته الحرب على المنطقة و سكانها، إلا أن النوبة خرجوا من هذه المحنة كأمة قوية متماسكة و بإرادة أقوى من أجل المحافظة على هويتهم و ثقافتهم، و استطاعوا  اكتساب التجارب المفيدة كالاعتماد على النفس في مواجهة التحديات. أضف إلى ذلك أيضاً أنهم استطاعوا إنشاء مؤسسات تنموية في مجالات الصحة و التعليم و الهياكل الإدارة القوية في المناطق المحررة تحت قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان.

و في عام 1992 أعلنت الحكومة الجهاد على النوبة و أنهم الآن ما زالوا يواجهون حملات الرعب و التصفية الجسدية في أرض أجدادهم.

و على الرغم من كل هذه التحديات، نجد أن النوبة استطاعوا أن يأسسوا مؤسسات ديمقراطية لإدارة شؤونهم في المناطق المحررة من جبال النوبة التي تديرها الحركة الشعبية. و يعتبر المجلس الاستشاري لجنوب كردفان (برلمان النوبة) بقيادة السيد/ موسى عبد الباقي، واحداً من أهم أشكال الديمقراطية في كل المناطق المحررة التي تسيطر عليها الحركة الشعبية. و استطاعت الديمقراطية من خلال ذلك الوعاء أن تنمو و تترعرع شيئاً فشيئاً تحت قيادة القائد/ يوسف كوة مكي. و الآن لقد اكتسب المجلس الاستشاري قوته و فعاليته في العمل المنظم إلى أن أصبح جهازاً مستقلاً يفخر بإنجازاته كل نوباوي. و ساهم المجلس الاستشاري في تأسيس منظمات محلية كمنظمة نوب للإغاثة و التنمية التي أنشئت عام 1994 و مقرها الآن في نيروبي. و كانت منظمة نوب قد أنشئت في ظروف سيئة للغاية و واجهت العديد من المشاكل، و لكنها بإرادة الله بدأت و باشرت عملها في نجاح تام. و قامت المنظمة بإنشاء العديد من اللجان في المناطق المحررة بهدف تخفيف المعاناة الناتجة من الحرب الدائرة الآن بين الحركة الشعبية لتحرير السودان و حكومة الجبهة الإسلامية في الخرطوم.

و استطاعت منظمة نوب بمساعدة المنظمات المانحة من تنفيذ برامجها بالتنسيق مع السلطة المدنية و مواطني المناطق المحررة.

و لقد شهدت المناطق المحررة الآن خطوات ناجحة نحو وضع أفضل في مجالات الإغاثة و التنمية خاصة في مجالات الصحة و التعليم و الزراعة.

و على الرغم من الجهود المتواصلة التي تبذلها منظمة نوب إلا أنه لا يزال هناك نقص حاد في الخدمات الأساسية مقارنة بالأعداد الكبيرة من المواطنين. و هناك أيضاً نقص في الكوادر المؤهلة و المدربة لتنفيذ البرامج التنموية في المنطقة. و هذا  واجبنا و خاصة المتعلمون منا الذين لديهم مؤهلات و خبرات واسعة في مجال التنمية أن يسارعوا للالتحاق و العمل في المناطق المحررة لتقديم المساعدة لأهلهم.

إننا في جبال النوبة في بداية الطريق الآن، و إننا في حاجة ملحة لكل كوادرنا المتعلمة داخل و خارج السودان أن يأتوا إلى المناطق المحررة للالتحاق و المشاركة في عملية بناء المنطقة. و تجدر الإشارة إلى أن السلطات التشريعية و التنفيذية في المنطقة كانت قد ناشدت، في إحدى اجتماعاتها في عام  1997، كل المتعلمين من أبناء النوبة و خاصة المؤهلون منهم بالذهاب إلى المنطقة لإعادة بنائها و تعميرها. و من أولئك الذين لبوا ذلك النداء و عادوا إلى المناطق المحررة للعمل هناك هم:

  1. الأستاذ/ تيسو أحمد نديم، و يعمل حالياً كمستشار تعليمي في جبال النوبة. و كان يعمل في السابق كمساعد تدريس مادة اللغة الإنجليزية بجامعة واو.
  2. الدكتور/ عبد الله منصور، مستشار الشؤون الصحية بمنظمة نوب. و كان يعمل في السابق كطبيب عمومي تابع لوزارة الصحة بالجمهورية اليمنية.
  3. الأستاذ/ صالح ككي، و يعمل حالياً ممثلاً للمنظمة السودانية للإغاثة و إعادة التعمير (SRRA)  في جبال النوبة. و كان قد شغل منصب مسؤول الأمن الغذائي بمنظمة نوب. و قد سبق لصالح قبل مجيئه للعمل في المناطق المحررة، أن عمل في كل من الجمهورية اليمنية و هولندا.
  4. الدكتورة/ سوسن محمد مكي، التي وصلت مؤخراً للعمل في المناطق المحررة. و كانت تعمل في السابق كمساعد تدريس مادة التشريح البشري في جامعة جوبا.
  5. المهندس الزراعي/ اللازم سليمان الباشا، و يعمل حالياً مساعد المدير التنفيذي لمنظمة نوب و مستشاراً زراعياً في نفس المنظمة. و قبل التحاقه للعمل بالمناطق المحررة سبق أن عمل بكل من السودان و ليبيا و الجمهورية اليمنية.
  6. الأستاذ/ مصطفى جاموس، و يعمل حالياً كمتطوع في قطاع الخدمة المدنية. و هو يحمل شهادة جامعية في علم اللاهوت و أكمل العديد من الكورسات في مجال الإدارة. و قد شغل عدة مناصب قبل التحاقه بالأراضي المحررة.
  7. الأستاذ/ إبراهيم سخانة، و هو قد تخرج العام الماضي من جامعة النيليين بالسودان و يعمل كمستشار متطوع في المناطق المحررة.

و لا يزال هناك العديد من المتعلمين من أبنائنا في طريقهم للعمل بالمناطق المحررة، و انتهز هذه السانحة و أدعو كل إخواننا و أخواتنا داخل و خارج السودان و الذين لهم الرغبة بالانضمام إلى الحركة الشعبية و العمل في المناطق المحررة من جبال النوبة أن يكتبوا إلى مكتب منظمة نوب للاغاثة و التنمية بنيروبي أو مركز النوبة للتنسيق الدولي بلندن. و أناشد أيضاً كل المنظمات الخيرية العالمية و الأفراد من الخيرين في كل أنحاء المعمورة لمساعدة النوبة في المناطق المحررة.

لقاء مع الدكتورة/ سوسن محمد المكي

الدكتورة سوسن محمد المكي من قبيلة تيرا في جبال النوبة. تلقت تعليمها الابتدائي و المتوسط و الثانوي بمدينة كادوقلي. و بعد ذلك تخرجت في كلية الطب الأساسي بجامعة أم درمان الإسلامية. و حازت على شهادة الدبلوم في علم التشريح البشري بجامعة الخرطوم. و عملت بعد تخرجها من الجامعة كمساعدة تدريس في جامعة جوبا لمدة ثلاث سنوات. و من ثم عملت لمدة عام في برنامج تدعمه السفارة الهولندية بالخرطوم لدعم عملية السلام. و الهدف الرئيسي للبرنامج هو مساعدة النازحين خاصة النساء و الأطفال الذين فروا من المناطق المتأثرة بالحرب في الجنوب و جبال النوبة.

و استطاعت الدكتورة سوسن مؤخراً من الانضمام إلى الحركة الشعبية بعد أن تمكنت من الهروب من الخرطوم إلى القاهرة و منها إلى نيروبي في طريقها إلى جبال النوبة للعمل هناك. و أجري معها الحوار التالي بنيروبي في شهر مايو المنصرم:

س: متى بدأت نشاطك السياسي؟

ج: بدأت بالفعل نشاطي السياسي في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، نتيجة للغبن و المرارات التي يشعر بها كل النوبة نسبة للانتهاكات الوحشية التي ترتكبها الحكومة السودانية ضد أهلنا في جبال النوبة. فما زالت الحكومة السودانية تباشر سياساتها بصورة واضحة في جبال النوبة، إذ أنها أغلقت كل المدارس في منطقة جبال النوبة و لم تترك خياراً للطلاب في جبال النوبة سوى الالتحاق بالقوات المسلحة لتجنيدهم لقتال بني جلدتهم. و حتى موظفو الحكومة، فقد أجبروا على الذهاب إلى مناطق العمليات. أما بالنسبة للمتعلمين من أبناء جبال النوبة الذين يعيشون خارج الإقليم، فغير مسموح لهم بزيارة مناطقهم في جبال النوبة ليروا الأوضاع على أرض الواقع.

س: قبل انضمامك للحركة، هل كانت لديك اتصالات بالحركة من الداخل؟ و لماذا انضممت للحركة في المقام الأول؟

 

ج: لم تكن لدي اتصالات مباشرة مع الحركة الشعبية، فقط من خلال بعض الأفراد الذين لديهم علاقات مباشرة مع الحركة الشعبية. و تركزت مهمتي بالداخل في كشف الممارسات التي ترتكبها الحكومة في المنطقة. و من بين الأسباب التي دفعتني للانضمام بالحركة الشعبية هي انعدام الدور الإعلامي في أوساط النوبة بالداخل لتنويرهم بقضيتهم. و كذلك إن العمل في المناطق المحررة في حاجة ملحة إلى المتعلمين من النوبة، و أن قضية النوبة هي واجب كل فرد منا.

س: هل هناك أي نشاطات سياسية للمتعلمين من أبناء النوبة داخل السودان؟ و كيف يتم التنسيق بينهم من أجل خدمة القضية؟

 

ج: ليست هناك كيانات سياسية للنوبة بالداخل بالمعنى المفهوم. إلا أن في الخرطوم بعض التنظيمات الاجتماعية للنوبة، إلا أنها منحازة إلى الحكومة و أنها أنشئت بدعم من الحكومة لخدمة أجندتها. فهذه التنظيمات غير مسموح لها بالتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان في جبال النوبة، بل أنهم غير مسموح لهم حتى بمجرد الذهاب إلى جبال النوبة للعمل هناك. مع ذلك إلا أن هناك بعض النشاطات التي يقوم بها بعض الأفراد الذين لهم غيرة على المنطقة و خدمة قضية النوبة. كما أن هناك أيضاً بعض المناسبات الاجتماعية و هي فرصة طيبة لأبناء النوبة للالتقاء و التفاكر في القضايا التي تهمنا كنوبة. و بصورة عامة نجد أن سياسات الحكومة الخاصة بالقمع و التصفية و الوأد الثقافي لقضية النوبة قد نجحت في خلق نوع من الرعب و الحذر الشديدين في أوساط النوبة.

س: هل أبناؤنا بالداخل مدركون تماماً بسياسات الحكومة تجاه النوبة كشعب؟

ج: قبل اندلاع الحرب في جبال النوبة، كانت الدعاية الحكومية مفادها أن الحرب في جنوب السودان هي ضد الإسلام و العروبة، إلا أنه بعد الذي حدث لنا في جبال النوبة أدرك الكثيرون من أبنائنا أن سياسات الحكومة في الخرطوم تهدف إلى تصفية الأفارقة في السودان، و بصورة رئيسية النوبة و الجنوبيون. و هذا بدوره أدى إلى إدراك الكثيرين من النوبة الأهداف و السياسات الحقيقية للحكومة السودانية.

س:من واقع تجربتك مع النازحين، ما هي كبرى المشكلات التي تواجه النازحين النوبة في الخرطوم؟

 

ج: إن من أهم المشاكل التي تواجه النازحين النوبة في الخرطوم هي مشكلتي التعليم و الصحة. فانعدام التعليم يترك الشباب من النوبة أمام خيار واحد و هو الانخراط في القوات المسلحة الحكومية و من ثم يتم إرسالهم مرة أخرى إلى جبال النوبة لقتال أهلهم هناك. أما فيما يختص بالمجال الصحي، فالنازحون ليس بمقدورهم شراء أي نوع من الأودية دعك من مقابلة الطبيب. فالحكومة تبيع الأودية بأسعار زهيدة للعاملين بالدولة فقط، و أن الغالبية العظمى من النازحين بالطبع لا يعملون في القطاع الحكومي.

س: في خلال الزيارة التي قمت بها مؤخراً إلى مناطق جبال النوبة التي تقع تحت سيطرة الحكومة، ما هي السياسات التي تنتهجها الحكومة هناك؟

 

ج: لقد رفعت الحكومة يدها من تقديم أبسط أنواع الخدمات في المدن الكبيرة كمدينة كادوقلي مثلاً، إذ أن كل المدارس في المدينة قد أغلقت أبوابها لأكثر من عام الآن كما أن المعلمين لم تدفع لهم مرتباتهم لأكثر من ثلاثة أعوام الآن. و قامت حكومة الولاية بإرسال كل موظفي الدولي إلى الصفوف الأمامية لقتال الحركة الشعبية لتحرير السودان. كما أن التعليم الأساسي قد أوقف أيضاً و أصدرت الحكومة قراراً بأن الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن الرابعة عشرة يجب أن لا يتم قبولهم في المدارس و بذلك تكون قد تركت هؤلاء الأطفال المغلوبين على أمرهم خياراً واحداً و هو الالتحاق بالجيش الحكومي.

جبال النوبة على حافة التغيير

بقلم/ بول دونوهو

إن النوبة مجتمع مفعم بالطاقة و الحيوية، يعمل أفراده كل يوم و الأمل يراودهم لمستقبل واعد أكثر إشراقاً.

و طوال إقامتي بجبال النوبة كنت قبل أن ينفلق الفجر ليغطى الجبال بضيائه، استمع إلى غناء بصوت شجي عذب. فالإيقاعات قديمة كقدم هذه التلال، إذ أن النساء قد سارعن بطحن دقيق الذرة لإعداد وجبة اليوم. متى سينتهي هذا الإيقاع؟ فجبال النوبة قد أصبحت على حافة التغيير، و هذا التغيير هو ثمرة نجاح النوبة أنفسهم.

و تحدث صالح ككي، و هو من النوبة التقيته في مكتبه في نيروبي، قائلاً: " إننا فخرون بما حققناه". و صالح يعمل كمنسق لنشاطات  المنظمة السودانية للإغاثة و إعادة التعمير في جبال النوبة. فالنوبة قد دافعوا بشراسة عن كل صخرة و كهف في أرضهم لوحدهم لمدة 13 عاماً لكيلا تصادرها حكومة السودان.

فهم قد تخندقوا في الجبال العالية و تمكنوا من زراعة المحاصيل التي تكفي لبقائهم على قيد الحياة. و قد فشلت كل محاولة لعزل النوبة. غير أن المآزق الواضحة في هذه الحربة، قد خلقت متاعب جديدة.

إن دفاع النوبة عن أرض أجدادهم ما هو إلا رد فعل طبيعي و مباشر. كما أن التعامل مع المساعدات الإنسانية مع المحافظة على الدفاعات العسكرية قد خلقت موقفاً أكثر تعقيداً. و يضيف صالح قائلاً: "إننا نريد أن نتفادى أخطاء عملية شريان الحياة."

و يقول سودي إبراهيم، المنسق الميداني لمنظمة نوب للإغاثة و التنمية و إعادة التعمير: "إننا لا نريد غذاءً، إذ أننا كنا و ما زلنا ننتج احتياجاتنا الغذائية. إننا نريد مساعدة لتدريب مواطنينا حتى نتمكن من تطوير أنفسنا بأنفسنا." و كان سودي قد تحدث إلينا في حوار أجري معه في منطقة كجر بجبال النوبة. و هو يتحدث من واقع خبرته للآثار العكسية للمشاريع التي تديرها عملية شريان الحياة في جنوب السودان. فعلى سبيل المثال نجد أن برنامج التنمية الدولية التابع للمساعدة الأمريكية يوفر من خلال جهود برنامج الغذاء العالمي 80% من احتياجات المواطنين. و في نفس الوقت نجد أن خدمات الإغاثة الكاثوليكية تحاول بناء مبدأ الاعتماد على الذات من خلال برنامج " البذور و المعدات الزراعية".

و يقول صالح: "الآن لقد تخطينا تجربتنا المريرة. و الآن لقد سمعت كل شعوب العالم بمأساة النوبة, فمنذ السنوات التي كنا نقاتل فيها لوحدنا برز إلى السطح شعور بالثقة  بالنفس لدى كل مواطنينا." و وفقاً لما قاله صالح، فإن مواطنيه لهم الثقة الكافية لبناء مجتمعهم اعتماداً على البنية التحتية المدنية و التي ستدعم مشروعات التعليم و الصحة عامة و صحة البيئة. و يعتقد صالح بأن الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي أجبر الحكومة السودانية للسماح "مبدئياً " بإيصال العون الإنساني إلى جبال النوبة.

و حالياً توجد في جبال النوبة منظمتان فقط غير حكومتين تعملان هناك بصورة دائمة و توفر الخدمات الإنسانية للمواطنين. و عندما تدخل الاتفاقيات الدولية طور التنفيذ، فإن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيشرف على العون الإنساني في المنطقة بدلاً عن عملية شريان الحياة.

و كنت قد تمكنت من زيارة هاتين المنظمتين غير الحكومتين، واحدة منها سبق ذكرها سالفاً و هي منظمة نوب للإغاثة و هي منظمة محلية غير حكومية، أما الثانية فهي منظمة عالمية و هي منظمة أطباء الطوارئ الألمانية. و يفصل بين المنظمين عدة أميال، و يمكن للفرد بعد الوصول إلى المنطقة بالطيران أن يقطع هذه المسافة سيراً على الأقدام، و هي ليست بالرحلة السهلة بالنسبة لأولئك الذين يعانون من أمراض القلب أو الأشخاص ذوي الأرجل الناعمة.

فمنظمة أطباء الطوارئ تعمل على توفير الرعاية الصحية الأساسية، كما أنها تقوم ببرامج التطعيم في مركز هيبان. وعلى مدار الثلاث سنوات التي أمضتها المنظمة في جبال النوبة شهدت المنطقة انخفاضاً ملحوظاً في نسبة وفيات الأطفال. و أنهم يقومون بالإشراف على الأدوية بالتنسيق مع منظمات غير حكومية أخرى تعمل في السودان.

و قد وقفت قبل يوم من مغادرتي المنطقة على مثال للمشاكل الجديدة التي يواجهها النوبة بسبب التوسع في أعداد المنظمات غير الحكومية التي تتوافد إلى المنطقة. إذ أن بعض المنظمات غير الحكومية تلحق الأضرار أكثر من تحقيق الفائدة المرتجاة. و قد زعم هنريك سوير، ممثل منظمة أطباء الطوارئ الألمانية، بأن طبيباً تابع لمنظمة Safe Harbour (المرسى الآمن) كان يقوم بتوزيع أدوية بطريقة غير مهنية.

و وفقاً لرواية سوير،  بأن امرأة حامل في شهرها السابع كانت مصابة بالإمساك و تم إعطاؤها دواء كوتريموكسكال،  و هو  دواء لعلاج أمراض الكلية، و له آثار عكسية على النساء الحوامل. و أنكرت منظمة المرسى الآمن هذا الإدعاء. إلا أن سوير تساءل بسخرية واضحة بدت في صوته بقوله: " و لكن كيف يتسنى لهذه المرأة أن تتحصل على هذا الدواء القادم من أمريكا؟"

حتى وقت قريب لم تكن هناك حاجة إلى برتوكول واضح فيما يختص بالرقابة على الأدوية نسبة لأنه لم تكن هناك منظمات غير حكومية أخرى تعمل في جبال النوبة. فالمواطنون كانوا يعتمدون على العلاج التقليدي (الأدوية البلدية).

و يقول صالح: " إن المنظمة السودانية للإغاثة و إعادة التعمير تعمل الآن على إعداد مسودة بروتوكول تحت عنوان: (الهيكل المحلي لجبال النوبة)،و هذا البروتوكول سوف لن يختص بالصحة فقط بل كل القطاعات الخدمية كالتعليم و الأمن الغذائي و الرعاية الصحية و النشاطات الأخرى." و يأمل صالح بأن تساعد هذه الأسس و اللوائح في خلق نوع من التفاهم و الانسجام بين المنظمات غير الحكومية التي تعمل في قطاع واحد.

بجانب الرعاية الصحية، فإن النوبة يحتاجون بصورة ملحة إلى المساعدة في مجال التعليم. و كنت قد زرت بالقرب من كاودا كورساً تنشيطياً لمعلمي المرحلة الابتدائية. و كان استيفن أمين و علياء صمويل، و هما سودانيان عضوان في الجمعية الكاثوليكية (كوينونيا) التي تتخذ من نيروبي مقراً لها، قد أقاما ذلك الكورس الذي سيستمر لمدة شهرين بهدف تطوير المهارات في اللغة الإنجليزية و الرياضيات. و كانت منظمتا أماني الإيطالية و منظمة نمساوية غير حكومية قد دفعتا التكاليف اللوجستية لذلك الكورس.

و كان الكورس أساساً قد خططا ليستوعب 35 دارساً و دارسة، إلا أن 57 دارساً و 8 دارسات قد التحقوا بالكورس و هذا دليل على الرغبة العارمة للمواطنين لتطوير أنفسهم أكاديمياً. و كان يمكن لذلك العدد أن يتضاعف، إذ أن العديد من المواطنين حضروا و لم يتم استيعابهم في ذلك الكورس نسبة لمحدودية الفرص مما اضطرهم للعودة إلى مناطقهم. و سيعود كل المشاركين بعد إكمال الكورس إلى قراهم ليشركوا رفقاءهم هناك ما تعلموه في ذلك الكورس.

و يقول سودي : "هذه هي الكورسات التي نحتاج إليها بالفعل، إذ أن اللغة الإنجليزية هي لغة التعامل مع المنظمات التي ترغب في تقديم المساعدة منا."

إن الكورسات التنشيطية في اللغة الإنجليزية و الرياضيات هي مثال للكورسات التعليمية التي يمكن لها أن تتضاعف بمجيء الأمم المتحدة لجبال النوبة، و لكن هل ستصل الأمم المتحدة حقيقة؟ ويجيب صالح على هذا السؤال بقوله: " ليس هناك فرق من أن تأتي الأمم المتحدة اليوم أو بعد خمس سنوات، فمواطنونا قد انتظروا وصولها لمدة ثلاثة عشر عاماً، و رغم ذلك بقوا على قيد الحياة بدونها، و أنهم سيظلون هنا عندما تصل الأمم المتحدة أخيراً.

قد اتجه النوبة إلى الدول الغربية طلباً للعون و المساعدة بعد أن تجاهلتهم الحكومة السودانية تماماً. و بصورة عامة،  سيصل ذلك الدعم و سيكون له أثره على مجتمع النوبة، و كيف سيكون ذلك الأثر، فإن ذلك يعتمد في المقام الأول على شعب و قيادات النوبة.

فالذي سيطلع على الأحوال في المستقبل فإنه سيظل يسمع تلك الإيقاعات القديمة التي تدفع أولئك النسوة اللاتي يطحن الذرة لإعداد الوجبة اليومية، وقتئذٍ ربما نصل إلى خلاصة أن التغيير لا محالة واقع، التغيير الذي يجمع بين الجيد من القديم و الحديث.  

 

مناشدة من طالبي اللجوء النوبة باليمن

نحن طالبو اللجوء من أبناء جبال النوبة و نقيم حالياً بالجمهورية اليمنية. إن قضية جبال النوبة معروفة للمجتمع الدولي و كل المنظمات التي تعني بحقوق الإنسان.

أعزائي.. إننا في جبال النوبة، و نسبة للحالة المأساوية في ذلك الجزء المعزول من السودان، حيث تمارس سياسات الإبادة العرقية و الاختطاف و تدمير القرى و التهجير القسري، أصبحنا لاجئين في بلادنا. و نتيجة لذلك فرينا إلى اليمن للنجاة بحياتنا.

و تقدمنا بطلبات للجوء في العاصمة اليمنية صنعاء في عام 1997. و كانت طلباتنا للجوء قد دعمت بخطاب من الدكتور سليمان رحال إلى الممثل السابق للمفوضية السامية للاجئين باليمن. وقام موظفو المفوضية بإجراء معاينات لنا. و قام ضابط الحماية السابق بإجراء معاينة لستة أشخاص من بين 29 شخصاً، هم جملة الذين  تقدموا بالطلبات من النوبة. و تم منح أولئك الستة حق اللجوء و أصدرت لهم بطاقات لجوء. أما البقية الذين تمت معاينتهم بواسطة موظفي المفوضية اليمنيين الذين يتعاطفون مع السفارة السودانية في صنعاء فقد تم رفض طلباتهم جميعاً دون إبداء أي أسباب، على الرغم من أن طلباتهم لا تختلف عن أولئك الذين منحوا حق اللجوء أضف إلى أنهم دعموا طلباتهم بمستندات و كل الأدلة الضرورية، بل أن بعضهم تربطهم صلة القرابة ببعض من أولئك الذين منحوا حق اللجوء. فالسؤال هنا: ما الذي جعل المفوضية السامية في اليمن تقبل طلبات اللجوء للبعض و ترفض طلبات الآخرين؟

فكوننا أعضاء في التجمع الوطني الديمقراطي و أعضاء أيضاً في تضامن أبناء جبال النوبة بالخارج، ففي حالة ترحيلنا قسرياً إلى السودان من قبل الحكومة اليمنية فإن هذه ستكون مأساة حقيقة بالنسبة لنا، و خاصة في ظل الحكومة الحالية التي ما زالت تتشبث بالسلطة في الخرطوم. لذا فإننا نلتمس التدخل السريع في قضيتنا هذه لمنع ترحيلنا القسري إلى السودان.

حق تقرير المصير للنوبة في مؤتمر كمبالا حول حقوق الإنسان و الديمقراطية و التنمية في الفترة الانتقالية في السودان

 

عقد في الفترة ما بين 17 – 21 يوليو في العاصمة الأوغندية كمبالا مؤتمر حول حقوق الإنسان و الديمقراطية و التنمية في الفترة الانتقالية في السودان. و كانت لجنة المشروع المدني في السودان قد نظمت ذلك المؤتمر و استضافته للمرة الثانية حركة عموم أفريقيا. و هذا هو المؤتمر الثاني حول حقوق الإنسان في السودان يعقد في كمبالا كمتابعة لمؤتمر العام الماضي الذي عقد في فبراير 99. و كان المؤتمر قد عمه جمع غفير و ممثلون لأكثر من ثلاثين منظمة مختلفة من منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات التي تمثل النوبة كمنظمة نوب للإغاثة و التنمية و إعادة التعمير و منظمة تضامن أبناء جبال النوبة بالخارج و مركز النوبة للتنسيق الدولي. و كان من بين الحضور أيضاً ممثلون للأحزاب السياسية السودانية و المنظمات غير الحكومية و منظمات حقوق الإنسان الدولية و مندوبو الصحافة و مراقبون للمؤتمر. و كان الحدث الهام في المؤتمر هو حضور أعداد كبيرة من المشاركين من داخل السودان بما في ذلك الخرطوم  و المناطق التي تقع تحت سيطرة التجمع الوطني الديمقراطي و تلك التي تقع تحت سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان. و قد أبدى هؤلاء المشاركون التزامهم الكامل بحقوق الإنسان و الديمقراطية في السودان.

و افتتح المؤتمر السيد/ ف. أيوم رئيس البرلمان الأوغندي. كما حضر المؤتمر أيضاً عضوات في المؤتمر الأوغندي و شاركن في النقاش و الاجتماعات النسوية التي عقدت على هامش المؤتمر.

و قدمت في المؤتمر الأوراق التالية: حقوق المرأة، حرية التعبير، الدين و الدولة، نزع السلاح و فض الاشتباك، القومية و الفيدرالية و حق تقرير المصير، حق الغذاء و التحرر من المجاعة، اللاجئون و المغتربون و النازحون نزوحاً داخلياً، حقوق الأرض، استراتيجيات التخطيط الاقتصادي، الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و السلام.

و نوقشت هذه الأوراق في جو اتسم بالصراحة التامة في أسلوب ديمقراطي متناه. و من بين الأوراق التي نالت حقها من النقاش الجاد ما يلي: الدين و الدولة، نزع السلاح وفض الاشتباك، القومية و الفيدرالية و حق تقرير المصير، حقوق المرأة و السلام.

و في الورقة الخاصة بحق تقرير المصير نادى ممثلو النوبة بشدة بحق النوبة في تقرير مصيرهم، و طالبوا أيضاً بإعادة النظر في إعلان أسمرا خاصة الفقرة (7.3) و التي تقلل من الاعتراف بحق النوبة و مواطني جنوب النيل الأزرق في تقرير المصير. و أقر المشاركون بالإجماع بضرورة إعادة النظر في الفقرة 7.3 من إعلان أسمرا للتأكد من أن حقوق النوبة و مواطني جنوب النيل الأزرق ستنال الاحترام الكامل. و هذا بالتأكيد سيحتاج من مواطني جبال النوبة و جنوب النيل الأزرق أن يحملوا هذا الأمر إلى المؤتمر العام للتجمع الوطني الديمقراطي الذي سينعقد في أسمرا في السادس من سبتمبر القادم.

و بعد أربعة أيام من النقاش الجاد المتواصل حول حقوق الإنسان و الديمقراطية و التنمية تبنى لجنة المشروع المدني و المشاركون العديد من القرارات الإيجابية فيما يختص بكل الأوراق التي قدمت في المؤتمر و التي لا يتسع المجال هنا لذكرها. غير أن المؤتمر أقر بالإجماع فصل الدين عن الدولة. إذ أن أي محاولة لإنشاء دولة إسلامية في السودان قد يؤدي إلى استمرار الحرب و انتهاكات حقوق الإنسان و تقسيم البلاد إلى أجزاء.

و أقر المؤتمر بأن نظام الحكم الفيدرالي الحقيقي و تفويض السلطة للأقاليم يجب أن يوضع في خط واضح مع الاعتراف بحق المواطنين في تقرير مصيرهم.

كما تم التأمين على حق كل مواطن سوداني في الغذاء و الأرض و إزالة الفقر. كما تم أيضاً التأمين و الإقرار على حقوق المرأة و على أي حكومة انتقالية أن تلغي أي قوانين أو سياسات لا تتماشى مع حقوق المرأة كما أقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

و في الختام، لقد كان هذا المؤتمر حدثاً جليلاً بمعنى أنه خلق فرصة طيبة لكل منظمات المجتمع المدني و القيادات السياسية للتجمع الوطني أن يتوافدوا من داخل و خارج السودان ليجتمعوا لأول مرة في مؤتمر كهذا. لمناقشة مسائل يمكن لها أن تشكل مستقبل بلادهم عندما يأتي السلام.

"حق أن نكون نوبة"

 

قصة شعب يناضل في السودان من أجل البقاء

 

كتاب من إصدار مركز النوبة للتنسيق الدولي

 

من خلال الكلمات و الصور، يوضح الكتاب المحنة التي يواجهها شعب جبال النوبة و كفاحهم المرير ضد انتهاكات حقوق الإنسان و العزلة المضروبة على المنطقة. و يحتوى الكتاب على مساهمات من كتاب و ناشطين و قادة النوبة بالإضافة إلى مقالات و صور فوتوغرافية لبعض الأجانب الذين عملوا مع النوبة بدءً بالمصور البريطاني المشهور جورج روجر و انتهاء بأولئك الذين قدموا الدعم للنوبة في كفاحهم من أجل البقاء. ويحتوي الكتاب أيضاً على أصوات من القادة و المواطنين النوبة، يعبرون فيها عن كفاحهم من أجل المحافظة على هويتهم رغم تضافر كل العوامل ضدهم.

و سيتم تدشين كتاب "حق أن نكون نوبة" في الثاني من أكتوبر 2000 في تمام الساعة السادسة مساءً على العنوان التالي:

 

 

 

Venue:  Africa Centre

            38 King Street,

            Covent Garden

            London WC2 EJT

 

Tel No: 020 7836 1973

تم طبع كتاب " حق أن نكون نوبة" بمطابع البحر الأحمر، و الكتاب سيكون متواجد بالمكتبات.